للعلم وللإيمان كلٌ مكانته، والإيمان من غير علم تخبط وجهل والعلم من غير إيمان دمار وهلاك ولا خير الا في اجتماعهما معا.
عرّف د.راشد شهوان العلم والإيمان والعلاقة بينهما في مذكرته بأنهما : " محاولة بشرية لفهم الكون ورصد حقائقه، ومحاولة استيعابها عن طريق مختلف القدرات الذهنية والحسية والاستقراء للسنن الكونية الثابته وللظواهر المتكرره، وهو بذلك عملية تنافسية في محاولة للوصول الى الحقيقة المطلقة "
مما لا شك فيه ان اول ما حث الاسلام عليه هو العلم، فكانت اول كلمة نزلت على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، (( اقرأ باسم ربك الذي خلق.. )) { العلق :1 } وكان العلم هو الحاجه الاولى بعد خلق آدم عليه السلام (( وعلم آدم الاسماء كلها )) { البقرة : 31 } ، كما وقرنه الله تعالى بالإيمان في مواضع اخرى فقال –عزّ من قائل- : (( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات )) { المجادلة:11 } وخصهما بالرفعة التي تعود على من جمع بينهما، واشار الى الفرق بين من يعلم ولا يعلم في قوله تعالى : (( قُل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) { الزمر:9 }، كلا والله لا يستون، فلو كان كذلك لما انكروا كلام الله، وتكبروا وتجبروا عليه وزعموا على انهم قادرين على الاتيان بمثله، ولم يكتفوا بزعمهم بل حاولوا ان يأتوا بمثله لفظا ومضموناً، لكنهم فشلوا ايما فشل، وعجزوا ايما عجز!
من هنا كانت انطلاقة علماؤنا نحو البحث والتنقيب عن كنوز العلم والإيمان في الوحي الالهي المعجز "القرآن"، وكانت الحاجة لاثبات مصدره الإلهي وصدق نبوة الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، فنشأ وتطور علم "إعجاز القرآن".
نشأة علم "إعجاز القرآن" وتطوره
"إعجاز" هو مصدر من الفعل الرباعي أعجز- يُعجز – إعجازاً وجذور الكلمة ع-ج-ز بمعنى : ضَعُفَ عن شئ ولم يقدر عليه.
لست هنا بصدد الدخول في دوامة التعاريف لمصطلح الإعجاز والتي اختلف عليها العلماء، وانما اذكر ما اتفقوا عليه بان علم "إعجاز القرآن" هو وسيلة للوصول الى غاية وهي : اثبات مصدر القرآن الرباني وانه كلام الله تعالى، وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لفظ الإعجاز لم يرد في الكتب قبل منتصف القرن الثالث الهجري، وأول ما ذُكر كان على لسان العالم محمد بن يزيد الواسطي المعتزلي وقبل ذلك استخدم المؤلفون تعابير اخرى مثل "آية"، منهم علي بن ربن الطبري في كتابه "الدين والدولة" بعد ان كان نصرانيا واسلم، فعابه اخاه فكتب هذا الكتاب ردا عليه، ليثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتابع من بعده الكثير من العلماء الكتابة في هذا الموضوع على مر القرون فكان ابرزها :
القرن الرابع الهجري : اشتهر بتأسيس افكار واراء اصيلة حول الإعجاز واشهر العلماء في هذا القرن : الخطابي، الرماني.
القرن الخامس الهجري : شهد توسيع القول في إعجاز القرآن وبسط الادلة عليه واشهر من كتب آنذاك : القاضي عبد الجبار، الباقلاني، عبد القاهر الجرجاني.
القرن الرابع عشر الهجري : حيث يشهد هذا الآوان انطلاقة واسعه حول الموضوع، فيها تحدث العلماء عن الإعجاز العلمي، والإعجاز الموسيقي، والإعجاز التشريعي وما الى ذلك بخلاف العصور الاخرى التي تحدث فيها العلماء عن الإعجاز البياني (اللغوي) فقط، ومن اشهر علماء هذا العصر : صادق الرافعي، سيد قطب، عبد الله دراز، الشعراوي، بنت الشاطئ، الزرقاني، عبد الله فكري، طنطاوي جوهري، عبد المجيد الزنداني، د.زغلول النجار، هارون يحيى وآخرون..
وقفة تأمل مع آيات الإعجاز في القرآن الكريم
اصل معجزة محمد صلى الله عليه وسلم أنها عقلية بيانية، تتفق مع ارتقاء التفكير البشري، يخاطب فيها الله اسمى وارقى ما في الانسان، عقله وقلبه، ويقيم عليه الحجة بمنطق عقلي هادئ، وتفكير منطقي مقنع، ويبقى هذا المنطق مؤثرا في الانسان حتى قيام الساعه. اما مضامين القرآن العلمية، والتشريعية والغيبية وغيرها.. فهي فروع تمتد من هذا الاصل، وان كان الله تعالى لم يتحدى بها العرب آنذاك، لعدم وجود ملكتهم العلمية على تحصيل هذه العلوم، فانها شاهد على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأُمي الذي تلقى هذا القرآن من الله عز وجل بواسطة الوحي جبريل عليه السلام، بمضامينه القيمه التي استدركها الانسان بعد عصور كثيره لاحقة.
موريس بوكاي وقصة اسلامه بسبب فرعون
هذا العالِم الفرنسي الاصل بروفيسور موريس بوكاي ،الذي اسلم بعد ان ادرك وعرف ان القرآن الكريم هو كتاب سماوي بحق لا تبديل ولا تحريف فيه حيث وجد حقيقة نهاية فرعون وغرقه في البحر ونجاة بدنه، من خلال مقارنته بين الكتب السماوية الثلاث التي تحدثت عن خروج بني اسرائيل من مصر مع النبي موسى عليه السلام، وملاحقة فرعون لهم وغرقه في البحر إثر انشقاقه وعبور بني اسرائيل، واطباقه على فرعون وجنوده، قال تعالى : ((وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )) {يونس 92 }
بدأ بوكاي قصة بحثه عن الحقيقه عندما قَدِمَ للقاهرة ليدرس مومياء فرعون التي عُرضت بدار الآثار في القاهرة، بعد الفحوصات العلمية والمخبرية وجد كميات من المياه في جوف فرعون تدل على انه مات غرقا، لكن جثته سليمه ولا تبدو عليها اثار او كدمات من الاسماك او وحوش البحر التي تقتات على اللحوم! فاخذ يبحث في الكتب التاريخية ليفسر هذا الحدث الغريب، جثة تغرق وتنجو ويتم تحنيطها، كيف كان ذلك ؟!
الجواب وجده موريس في القرآن الكريم بقوله تعالى : (( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) لم يجده في الانجيل ولا في التوراة ولا في الكتب التاريخية، وقد سجل القرآن الكريم هذه الحقيقة ونقلها الوحي جبريل عليها السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساق لنا هذه القصة بتفاصيلها لتكون عبرة لمن لم يعتبر، وحتى هذا اليوم والى الابد ستبقى مومياء فرعون آية للسابقين واللاحقين مصداقا للآية الكريمة، ومصدقه لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول بوكاي في كتابه -الكتب المقدسة على ضوء العلم الحديث- : " أيّ بيان رائع لآيات القرآن، ذلك الذي يخص بدن فرعون، والذي تهبُهُ قاعة المومياء الملكية بدار الآثار بالقاهرة، لكل من يبحث في معطيات المكتشفات الحديثه عن ادلةٍ على صحة الكتب المقدسة.."
كيف أصبحت امرأة زكريا زوجا له ؟؟ (يتبع بإذن الله..)
عرّف د.راشد شهوان العلم والإيمان والعلاقة بينهما في مذكرته بأنهما : " محاولة بشرية لفهم الكون ورصد حقائقه، ومحاولة استيعابها عن طريق مختلف القدرات الذهنية والحسية والاستقراء للسنن الكونية الثابته وللظواهر المتكرره، وهو بذلك عملية تنافسية في محاولة للوصول الى الحقيقة المطلقة "
مما لا شك فيه ان اول ما حث الاسلام عليه هو العلم، فكانت اول كلمة نزلت على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، (( اقرأ باسم ربك الذي خلق.. )) { العلق :1 } وكان العلم هو الحاجه الاولى بعد خلق آدم عليه السلام (( وعلم آدم الاسماء كلها )) { البقرة : 31 } ، كما وقرنه الله تعالى بالإيمان في مواضع اخرى فقال –عزّ من قائل- : (( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات )) { المجادلة:11 } وخصهما بالرفعة التي تعود على من جمع بينهما، واشار الى الفرق بين من يعلم ولا يعلم في قوله تعالى : (( قُل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) { الزمر:9 }، كلا والله لا يستون، فلو كان كذلك لما انكروا كلام الله، وتكبروا وتجبروا عليه وزعموا على انهم قادرين على الاتيان بمثله، ولم يكتفوا بزعمهم بل حاولوا ان يأتوا بمثله لفظا ومضموناً، لكنهم فشلوا ايما فشل، وعجزوا ايما عجز!
من هنا كانت انطلاقة علماؤنا نحو البحث والتنقيب عن كنوز العلم والإيمان في الوحي الالهي المعجز "القرآن"، وكانت الحاجة لاثبات مصدره الإلهي وصدق نبوة الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، فنشأ وتطور علم "إعجاز القرآن".
نشأة علم "إعجاز القرآن" وتطوره
"إعجاز" هو مصدر من الفعل الرباعي أعجز- يُعجز – إعجازاً وجذور الكلمة ع-ج-ز بمعنى : ضَعُفَ عن شئ ولم يقدر عليه.
لست هنا بصدد الدخول في دوامة التعاريف لمصطلح الإعجاز والتي اختلف عليها العلماء، وانما اذكر ما اتفقوا عليه بان علم "إعجاز القرآن" هو وسيلة للوصول الى غاية وهي : اثبات مصدر القرآن الرباني وانه كلام الله تعالى، وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لفظ الإعجاز لم يرد في الكتب قبل منتصف القرن الثالث الهجري، وأول ما ذُكر كان على لسان العالم محمد بن يزيد الواسطي المعتزلي وقبل ذلك استخدم المؤلفون تعابير اخرى مثل "آية"، منهم علي بن ربن الطبري في كتابه "الدين والدولة" بعد ان كان نصرانيا واسلم، فعابه اخاه فكتب هذا الكتاب ردا عليه، ليثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتابع من بعده الكثير من العلماء الكتابة في هذا الموضوع على مر القرون فكان ابرزها :
القرن الرابع الهجري : اشتهر بتأسيس افكار واراء اصيلة حول الإعجاز واشهر العلماء في هذا القرن : الخطابي، الرماني.
القرن الخامس الهجري : شهد توسيع القول في إعجاز القرآن وبسط الادلة عليه واشهر من كتب آنذاك : القاضي عبد الجبار، الباقلاني، عبد القاهر الجرجاني.
القرن الرابع عشر الهجري : حيث يشهد هذا الآوان انطلاقة واسعه حول الموضوع، فيها تحدث العلماء عن الإعجاز العلمي، والإعجاز الموسيقي، والإعجاز التشريعي وما الى ذلك بخلاف العصور الاخرى التي تحدث فيها العلماء عن الإعجاز البياني (اللغوي) فقط، ومن اشهر علماء هذا العصر : صادق الرافعي، سيد قطب، عبد الله دراز، الشعراوي، بنت الشاطئ، الزرقاني، عبد الله فكري، طنطاوي جوهري، عبد المجيد الزنداني، د.زغلول النجار، هارون يحيى وآخرون..
وقفة تأمل مع آيات الإعجاز في القرآن الكريم
اصل معجزة محمد صلى الله عليه وسلم أنها عقلية بيانية، تتفق مع ارتقاء التفكير البشري، يخاطب فيها الله اسمى وارقى ما في الانسان، عقله وقلبه، ويقيم عليه الحجة بمنطق عقلي هادئ، وتفكير منطقي مقنع، ويبقى هذا المنطق مؤثرا في الانسان حتى قيام الساعه. اما مضامين القرآن العلمية، والتشريعية والغيبية وغيرها.. فهي فروع تمتد من هذا الاصل، وان كان الله تعالى لم يتحدى بها العرب آنذاك، لعدم وجود ملكتهم العلمية على تحصيل هذه العلوم، فانها شاهد على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأُمي الذي تلقى هذا القرآن من الله عز وجل بواسطة الوحي جبريل عليه السلام، بمضامينه القيمه التي استدركها الانسان بعد عصور كثيره لاحقة.
موريس بوكاي وقصة اسلامه بسبب فرعون
هذا العالِم الفرنسي الاصل بروفيسور موريس بوكاي ،الذي اسلم بعد ان ادرك وعرف ان القرآن الكريم هو كتاب سماوي بحق لا تبديل ولا تحريف فيه حيث وجد حقيقة نهاية فرعون وغرقه في البحر ونجاة بدنه، من خلال مقارنته بين الكتب السماوية الثلاث التي تحدثت عن خروج بني اسرائيل من مصر مع النبي موسى عليه السلام، وملاحقة فرعون لهم وغرقه في البحر إثر انشقاقه وعبور بني اسرائيل، واطباقه على فرعون وجنوده، قال تعالى : ((وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )) {يونس 92 }
بدأ بوكاي قصة بحثه عن الحقيقه عندما قَدِمَ للقاهرة ليدرس مومياء فرعون التي عُرضت بدار الآثار في القاهرة، بعد الفحوصات العلمية والمخبرية وجد كميات من المياه في جوف فرعون تدل على انه مات غرقا، لكن جثته سليمه ولا تبدو عليها اثار او كدمات من الاسماك او وحوش البحر التي تقتات على اللحوم! فاخذ يبحث في الكتب التاريخية ليفسر هذا الحدث الغريب، جثة تغرق وتنجو ويتم تحنيطها، كيف كان ذلك ؟!
الجواب وجده موريس في القرآن الكريم بقوله تعالى : (( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) لم يجده في الانجيل ولا في التوراة ولا في الكتب التاريخية، وقد سجل القرآن الكريم هذه الحقيقة ونقلها الوحي جبريل عليها السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساق لنا هذه القصة بتفاصيلها لتكون عبرة لمن لم يعتبر، وحتى هذا اليوم والى الابد ستبقى مومياء فرعون آية للسابقين واللاحقين مصداقا للآية الكريمة، ومصدقه لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول بوكاي في كتابه -الكتب المقدسة على ضوء العلم الحديث- : " أيّ بيان رائع لآيات القرآن، ذلك الذي يخص بدن فرعون، والذي تهبُهُ قاعة المومياء الملكية بدار الآثار بالقاهرة، لكل من يبحث في معطيات المكتشفات الحديثه عن ادلةٍ على صحة الكتب المقدسة.."
كيف أصبحت امرأة زكريا زوجا له ؟؟ (يتبع بإذن الله..)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق